الحرافيش



 الحرافيش 


المؤلف: نجيب محفوظ
عدد الصفحات: 592
الناشر: دار الشروق


رواية


---


"لو أن شيئاً يمكن أن يدوم على حال، فلم تتعاقب الفصول؟"


كان هذا الموضوع الأساسي للرواية.. فلا شيء يدوم على حال فـ (دوام الحال من المحال).. 

تعاقب العسر واليسر.. تعاقب الخير والشر.. تعاقب الحب والكره.. وغيرها من الصفات النبيلة وضدها..

ملحمة الحرافيش عن أجيال وأجيال من عائلة واحدة لا يخلو جيل منها من عقده النفسية بأي شكل من الأشكال.. عن صراع الهوية والخير والشر.. عن الوفاء وصيانة العهد.. 


"ما تاريخ عائلتنا إلا سلسلة من الانحرافات والمآسي والدروس الضائعة"


كيف تتحول الحكايات لأساطير وكيف تحكم هذه الأساطير الناس عندما تجد من يؤمن بها.. غالباً من يؤمن بهذه الأساطير هو يفقد شيء ما ويكون هذا الإيمان لسد فجوة معينة ومنبع الأمان لهذا الشخص..

رواية آسرة لكنها مرهقة..

قرأتها بعد الثلاثية وصدمني التغير المفاجئ باللغة.. وكأن شخصاً آخر كتبها لا مؤلف الثلاثية نفسة.. فلغة الحرافيش تبدت لي أكثر شاعرية من الثلاثية والثلاثية أكثر تفصيل بالأحداث وأكثر تغلغل بدواخل الشخصيات..

هنا عشر حكايات كل حكاية عن جيل بدأها عاشور عبدالله أو كما لقب بـ "الناجي" فيما بعد.. وانتهت بعاشور آخر.. 

رواية لن يدرك جمالها إلا من يقرأها..


.

.

.


 اقتباسات مبعثرة 


"ثمة فكرة تتسلل إليه خلال عباداته المتواصلة بأن الإنسان يستحق ما يعانيه!"

"عندما تستحكم القبضة و لا يوجد منفذ واحد للأمل، تؤمن القلوب القانطة بالمعجزة."

"الأذن لا تسمع إلا ما ترغب في سماعه"

"العدل قيمة يحبها في النهاية من ينتفع بها"

"الإنسان قد تُجنّه النعمة، ولكنه يلقن الحكمة على يد الإفلاس والمحن"

"البطولة الحقة مثل المسك تطيب بها النفوس وتهفو إليها الأرواح ولو لم تؤت القدرة على استعمالها"

"من يحمل الماضي تتعثر خطاه"

"الناس تراقب وتتذكر، تحصي اللفتات والنوايا، تؤول الأوهام بأوهام، تتعجل تحقيق الظنون، تتستر بالتقوى والبراءة"

"لا دائم إلا الحركة. هي الألم والسرور. عندما تخضر من جديد الورقة، عندما تنبت الزهرة، عندما تنضج الثمرة، تمحى من الذاكرة سفعة البرد وجلجلة الشتاء."

"حتى حصون القلوب يغزوها الزمن بانسيابه بين النعومة والصرامة"

"إن الإنسان يشقى بساعة انتظار فكيف إذا صارت الحياة كلها مفرغة إلا من انتظار متواصل؟"

"أتعس الناس من ينشد النصر في الهزيمة"

"يذهب الإنسان بخيره وشره ولكن تبقى الأساطير"

"الفقر يفضح معايب يسترها الثراء عادة"

"حرافيش أم وجهاء لا يهم، ستدرك الإهانة دائماً من يتقبلها"


.

.

.


 ملخص الرواية 



الحكاية الأولى: عاشور الناجي

عاشور عبدالله أو عاشور الناجي بعد أن كان الناجي الوحيد في حارته..

وجده الشيخ عفره زيدان على قارعة الطريق فأخذه رأفةً به ليتربى على كنفه وزوجته سكينة.. تربى على الإيمان لكنه لم يعرف عن الدنيا شيئا ً حتى تلاطمته أمواجها بعد وفاة مربيه، ليعاني بعدها من صراع الخير والشر.. 

اشتغل عند زين الناطوري ولما وجد منه الشهامة والأمانه زوجه ابنته "زينب"، فأنجب منها ثلاثة من الأبناء.. حسب الله، رزق الله وهبة الله.. لكنه لم يقدر أن يربيهم كما تربى هو .. فلا هو ولا زوجته كانوا يعتنون بالأطفال لانشغالهم الدائم وراء لقمة العيش.. فلا يعرفون من الدين ولا الأخلاق إلا ما شاهدوه في شارع الحي..

تزوج "فلة"  بعد أن تقاتل عليها أبناءه في خمارة أخ مربيه.. وبعد أن جلس لهم في المرصاد هناك حتى لا يعودو للخمارة.. وقعت في قلبه وتزوجها وأنكره عليه الناس وقبلهم أبناءه.. 

أنجبت له " شمس الدين" وعاش حياة هانئة لقليل من الزمن حتى وقع على حارتهم ذلك الوباء ليرى في منامه أن عليه الخروج منها إلى الجبال.. تبعته "فله" فلا لها أحد سواه في هذه الدنيا.. أما "زينب وأبنائها فرفضوا وقرروا البقاء في الحارة.. فأخذ "فلة وشمس الدين" إلى الجبال وعاشا هناك قرابة ستة أشهر حتى سمع بانجلاء المرض عن الحارة .. فلما عاد إليها لم يجد أحداً هناك.. قضى المرض عليهم جميعاً.. فأخذ يتنقل بين المنازل هو وعائلته المتبقية.. ليجد ما يأكل وما يلبس ليستقروا في أحد القصور ويستحلوا ممتلكاتها.. 

تبدأ الحارة بالانتعاش بقدوم سكان آخرين.. فما إن وجدوا صديقنا حتى لقبوه بكبير الحارة.. وعاشور الناجي.. كونه الناجي الوحيد من ذاك المرض.. فأخذ يغدق عليهم من الأموال "التي ليست له أساساً" وحجته أنه بما أنه لا ينفقها على نفسه فقط ويستخدمها للخير فقد أصبحت حلالاً!!.. حتى جاء من يطالبه بصك ملكية البيت من الحكومة فظهرت حقيقته وسجن عاماً ليخرج بعدها معززاً مكرماً من أهل الحارة..


الحكاية الثانية: شمس الدين

عندما ناهز "عاشور" الستين اختفى من حارته فلا يعلم له مكان او خبر.. بحث عنه ابنه "شمس الدين" في كل مكان.. وما إن فقدوا الأمل في العثور عليه تم إعلان وفاته.. وأقاموا أهل الحارة معركة اختيار الفتوة الجديد للحارة من بين عوان عاشور ولم يكن "شمس الدين" في الحسبان لجماله وطراوة عوده فلم يأخذ من صفاة والده سوى الصوت الجهور.. ومع ذلك وبعدما انتهت المعركة بفوز أحدهم انتهز الفرصة "شمس الدين" ليعلن عن اعتراضه وتحديه للفائز ليفوز في المعركة ببسالة ويتم تتويجه فتوة الحارة خلفاً لأبيه.. وأكمل عهد أبيه بالفتوة واتخذ طريقة والده منهاجاً له.. ومع أن المغريات قامت بلطمه من كل جانب إلا أنه استمر بتطبيق ذاك المنهج كما تعلمه من والده..

أعجبته ابنة معاونه "عجمية" فخطبها من والدها، أنجبت له البنين وآخرهم "سليمان" الذي كان ذو شبه كبير بجدة من عملقةٍ وقوة، فأخذ أبوه يدربه على الفتوة ليكون خلفاً له.. 


الحكاية الثالثة: الحب والقضبان

يبدأ عهد "سليمان" في الفتوة بعد وفاة أبيه " شمس الدين".. بدأ باتباع نهج أبيه وجده من قبله لكنه لم يستمر.. فقد وقع في فخ مغريات الحياة بعد زواجه من زوجته الثانية "سنية السمري" ذو الجاه والمال.. فبعد أن ذاق النعيم بين يديها زهد بحياته السابقة.. حياة الفقر.. زوجته الأولى "فتحية" اخت صديقه "عتريس" لم تنجب له سوى البنات أما "سنية" فأنجبت له ولدان "بكر وخضر"، الذين لم ينشئا نشئة أبيهما من قبل "نشئة الفتوة والقوة" إنما تربيا على النعيم والدلال.. تزوج "بكر" من "رضوانه" وهام بها حباً.. الحب الذي لم تبادله إياه.. وإنما أحبت أخيه "خضر".. وسببت بينهم بالفتنة التي فرقت بينهم.. ليختفي "خضر" على أثرها.. مرض "سليمان" وأصابه الشلل لبعض الوقت مما دعا عتريس ليستولي على فتوة الحارة.. وطلق "سنية" وعاد إلى أحضان زوجته الأولى "فتحية" ليموت في بيتها.. زاد غنى "بكر" وأنجبت له زوجته "رضوان وصفية وسماحة"، أحب المغامرة في التجارة حتى جاء ذلك اليوم الذي أعلن فيه افلاسه.. وعندما بدأ المزاد لبيع أملاكه لتسديد الديون عاد "خضر" للحارة وحاول انقاذ ما يمكن انقاذه من املاك أخيه.. لم يقابل بالترحيب فحاول أخيه قتله ظنا منه بأن هناك شيئ بين "خضر ورضوانه" ليهرب من الحارة بعد محاولة فاشلة لقتل الإثنين.. بقى خضر في بيت "فتحية" بعض الوقت حتى يجد له مسكنا يؤويه.. وماتت رضوانه على يد أخيها "ابراهيم"..


الحكاية الرابعة: المطارد

لم يعد "بكر" وكبروا أبناءه بكنف أخيه "خضر"، تزوج "خضر" من "ضياء" ولم ينجب وقنع راضيا بقدره.. كبر الأولاد وعلمهم التجارة، قنع "رضوان" بها وأصبح ناجحاً، تزوج "أنسية". أما "سماحة" فبات يحلم بمجد "الناجي" السابق.. حلم بالفتونة.. فانضم للفتوة الحالي .. قبلوه معهم على مضض خوفا من مطالبته بها وأصبح تحت مراقبتهم.. أحب "مهلبية"، خطبها، وعندما أعلن خطبته لصحبته قال القائد أنه كان ينوي ارساله ليخطبها له -أي للقائد - لم يتوقع ذلك.. هاقد وقع في الاختبار.. أيترك الفتاة للقائد أم يهرب بها ويعلن العصيان.. وقرر الآخر.. وفي ليلة الهرب سمع صرخة الفتاة وعرف بمقتلها وتمت مطاردته واتهامه هو بقتلها.. نصحه عمه أن يختفي من الحارة 15 عاماً حتى يسقط الحكم بالاعدام.. هرب إلى ما وراء النيل وأطلق لحيته وشعره وسمّى نفسه "بدر الصعيدي".. 

عرف بين الناس هناك بحسن الخلق.. وتزوج من "محاسن" وأنجبت له "رمانة، قرة، وحيد" ثلاثة من الأبناء.. عاش في هدوء لفترة من الزمن حتى جاءه ذلك الخبر الصادم (تعاون فتوة الحارة الجديدة مع الحارة القديمة) فلم يكن يتوقع أن يقطعوا النيل.. هرب مرة أخرى قبل أن يكتشفوا أمره، بعد أن أخبر زوجته بحكايته.. 

اكتشف أمره ودوهمت تجارته وبيته.. فتشوا عنه في كل مكان وجلس المخبر في تلك الحارة يراقب ويترصد، وقعت "محاسن" في نفسه وأخذ يحوم حولها.. تواصلت معها عائلة "الناجي" وسلمتهم الأبناء وتطلقت من "سماحة" ثم تزوجت المخبر..

عاش "سماحة" وحيداً متنقلاً في كل مكان.. فالمكوث في مكان واحد بات خطراً عليه.. وعندما انتهت المدة أو قبلها بيوم واحد.. لم يطق الانتظار أكثر.. عاد..

عاد إلى بيته وأبناءه لينصدم مما حصل.. تزوجت زوجته وأنجبت من رجل آخر، هاجمه الرجل ورد عليه فضربه ووقع على الأرض مغشياً عليه.. ظن أنه مات.. هرب مرة أخرى وعاد إلى بيت عمه .. وجد أبناءه عنده .. وأخبره أن عليه الهروب مرة أخرى لقتله شخصاً آخر..


الحكاية الخامسة: قرة عيني

أخذ "خضر" يبحث عن "سماحة" في كل مكان ولم يجده، حتى وجدوه هو ميتاً في أحد الأزقة.. تألم لفقده أهله.. واعتزل رضوان الناس حزناً عليه.. وجعل أبناء "سماحة" يقفون مكانه في الدكان.. "وحيد" ترك المكان رغبة في الفتونة وطالب بها بعد أن شاهد ذلك المنام.. ووقع له ما أراد بعد أن هزم فتوة الحارة ورجاله.. فأخذ محله.. أما "رمانة" فأخذ مكانه في السكر والعربدة وكان "قرة" هو الناجي الوحيد الباقي على العهد..

تزوج "رمانة وقرة" من أختان.. "رئيفة وعزيزة"، أنجبت عزيزة لقرة "عزيز" ورئيفة لم تنجب .. تجلى الخصام بينهما، واتضح فساد "رمانة" وبأنه لا يصلح للعمل فقرر "قرة" أن ينفصلا بتجارتهما بعد أن كانت شراكة.. اختفى "قرة" واشتبه الجميع بـ "رمانة" لكن لا دليل.. ومضت السنون بهم ولم يرجع.. 

ربت "عزيزة" ابنها تربية صالحه وتعاهدته بالتعلم واحضرت له المعلمين لتعليمه الحساب .. أرادته أن يجلس مكان أبيه في الدكان، وكان لها ما أرادت.. 

كبر "عزيز على كره عمه "رمانة"، فعندما اشتد عوده قرر الانفصال عن العم بمساعدة ماورثته "عزيزة" عن أبيها.. وفي النهاية عاد "سماحة" إلى الحارة بعد أن كبر وفقد بصره..


الحكاية السادسة: شهد الملكة

سُجن "رمانة" وحكم عليه بالمؤبد بعد أن قتل "ضياء" زوجة العم "خضر" وعندما قادته الشرطة للسجن قال لعزيز بأنه قاتل أبيه وأخبره بمكان دفنه.. 

تزوج "عزيز" من "أُلفت الدهشوري" وأنجبت له الذرية.. وجاءه خبر بوفاة ؤجل زوجته من سلالة الناجي فأكرمهم وصرف لهم الرواتب وكانت لهم طفلة ذات 6 سنوات اسمها "زهيرة" أخبرته أمها أنها لا معيل لها فأخذها خادمة عند أمه "عزيزة" فأكرمتها الأم وارسلتها للكُتاب وأحسنت إليها.. 

بعدما كبرت عقد قرانها على "عبده الفران" وأنجبت منه "جلال" وكانت تخرج للعمل في الشارع ولاحظت نظرات الرجال لها، هنا فقط انتبهت لجمالها وأعجبتها هذه النظرات.. بدأت بالخدمة في بيت "رئيفة"، وعندما رآها ابن زوج "رئيفة" "محمد أنور" أعجب بجمالها هو الآخر.. 

حصلت بينها وبين زوجها المشاكل وهي فرحت بالأمر وهربت من عنده لبيت "رئيفة" وطلقتها منه.. تزوجت "محمد أنور" وأغدق عليها بالمال لكنها لم تحبه، أحبت ماله فقط وزهدت به >>>> عينه على عزيز..

أنجبت له "راضي"، ثم تفاقمت بينهم المشاكل، حتى جاءه أمر من فتوة المدينة ذلك الوقت "نوح الغراب"  بطلاقها -راغبٌ بها هو الآخر- فاستنجد الزوج بأمن الدولة ليحموه من فتوة الحارة.. ليطمع رئيس المخفر هو الآخر بالزوجة.. ويطلب منه طلاقها.. قرر الهرب ولم تطاوعه وتشابكا .. وصوتت ودخل الرجال البيت وأصبح متهما بجريمة الشروع في القتل.. فهرب..

راجعت المحكمة ليطلقها منه.. تطلقت.. خطبها الفتوة.. وافقت على مضض.. في يوم العرس داهمتهم قوى الأمن وقتل العريس.. وورثت منه ما ورثت.. فما لبث أن يخطبها قاتل عريسها لتلجأ لعزيز ليخلصها منه.. فجاءه نقل إلى الصعيد.. 

تزوجها "عزيز" في نهاية الأمر وأسكنها في بيت آخر ولم ترض أمه عن هذه الزيجة لسمعتها.. أنجبت له "شمس الدين" وبينما هي خارجة في أبهتها إلى الحسين حتى داهمها "محمد أنور" فقتلها..


الحكاية السابعة: جلال صاحب الجلالة

توفي "عزيز" بعد "زهيرة" ووصى أمه أن تربي "راضي" مع أبناءه.. أما جلال فطالب به والده "عبده الفران"،  عمل الولد مع أبيه بالفرن بعد أن اشتراه الأخير بمال الولد... 

عاش "جلال" طفولة قاسية.. فكانوا الأطفال يعيرونه بـ "ابن زهيرة" ولا يعلم ما العيب في ذلك فقد كان يحبها ويفتقدها كثيرا.. وقابل أخاه وأصبح يذهب معه إلى منزل "عزيز" للعب وقضاء الوقت.. فتعرف على "قمر" ابنة "عزيز من ألفت" وأحبها.. وكبر على ذلك.. تزوج "راضي" من حفيدة "نوح الغراب" أما هو فما زال يحلم بـ"قمر".. ووالده يقول له لن تزوج ألفت ابنتها من ابن زهيرة.. لعله قرر أن يخطبها من "عزيزة" بنفسه.. رفض طلبه بادئ الأمر.. حتى قُبل بعد وفاة "عزيزة" بوصية منها.. فرح بذلك كثيراً وما إن اقترب موعد الزفاف حتى مرضت العروس وتوفيت.. حزن الرجل وجزع وكره الناس والحياة لكنه لا يريد الموت ورغب أن يتحداه فطمع بالخلود.. قيل له ان ارتبط جسده بالجن أصبح خالداً.. فذهب لرجل مضطلع بالموضوع وأخبره أن يعتزل الناس عاماً كاملاً مع طلبات أخرى، وفي آخر يوم سيرتبط به أحد الجن.. فعل ذلك.. وما إن أكمل عاماً كاملاً حتى خرج بشكل جديدة وبطرقة حياة جديدة ظاناً أنه أصبح خالداً ليموت مسموماً على يد عشيقته..


الحكاية الثامنة: الأشباح

اكتشفت العشيقة فيما بعد أنها حاملا بطفل "جلال" فأنجبت ولداً أسمته أيضاً "جلال" لكن لم يعترف به لا جده ولا عمه.. حتى مع الشبه الكبير بينه ووالده.. فهو ببساطة ابن حرام.. 

اعتزلت عملها وعكفت على تربيته تربية صالحه.. فكان أميناً، طيباً، خلوقاً، متديناً.. وعمل سواقاً للكارو عند المعلم "الجدع" الذي رأف بحاله.. واستغلت هذا أمه بعد أن كبر لتخطب له "عفيفة بنت الجدع".. ليرفض أبوها لأنه ابن حرام.. وبعد مدة يتوفى المعلم وتخطب الأم "عفيفة" من أمها لابنها فيتم القبول والزفاف.. أنجبت له 3 بنات وولد اسماه "شمس الدين جلال الناجي".. توفيت الأم عن عمر الثمانين وجلال كان قد ناهز الستين.. وجزع لوفاتها أيما جزع وبكى على وفاتها حتى كرهها ولعنها ولامها على كل ما حصل في حياته وما ضاع منه.. وترك الصلاة ولازم الخمارة ليسكر ويعربد، حتى أنه اتخذ لنفسه عشيقة صغيرة كان يبيت عندها لياليه.. 

كان "شمس الدين" نموذج الإبن الصالح الذي ينصح اباه وينهره الآخير.. حتى وصله ذات يوم أن أباه تعرى في الخمارة، ذهب اليه مسرعا وتشاجرا هناك ليفقد وعيه الأب ويأخذخ الابن لبيته.. يفقيق هناك فيغضب ويمسك برقبة زوجته محاولا قتلها وماكان لشمس الدين إلا أن يكسر الكرسي فوق رأس أبيه محاولا انقاذ امه.. ليموت الأب بعد أن شهد لرجال الحارة أن ابنه انقذه لم يقتله.. لكن الناس لم يتركوه وكانت الاشاعات تنتشر كالنار في الهشيم (أن شمس الدين قاتل أبيه)..

بعد مرور الأيام قررت الأم ان تخطب لابنها فلم يقبل به أحد.. فذهب الى "نور الصباح العجمي" الراقصة فطلبها فهي الوحيدة التي قد توافق عليه.. تزوجا وأنجبا "سماحة" الذي كبر فاسداً من تضييق الخناق عليه من ابيه.. 

كان الأب يخاف منه ودائما يقول في نفسه انه سيقتله كما قتل هو اباه.. سرقه "سماحه" ففاض به الكيل فتبرأ منه.. رفضت الموضوع "نور الصباح" فلا تريد التفريط في ابنها فتطلقها.. زاد خوفه اكثر.. فتزوج من ابنة الفتوة طمعا في الحماية لا رغبة بها. ليطمع الفتوة في أمواله ويطالبه بكتابتها كلها باسم ابنته.. 

يرفض "شمس الدين" مطلب الفتوة ويبدأ بينهما شجار حامي في القهوة ليدخل "سماحة" بينهما دفاعاً عن والده.. وفي آخر الليل أسلم "شمس الدين" روحه..


الحكاية التاسعة: سارق النعمة 

أنجبت الزوجة الثانية لـ "شمس الدين" ولداً أسمته "فتح الباب" تيمناً بجد لها.. وبعد انهزام الفتوة استلم زمامها "سماحة شمس الدين".. تزوج من "فردوس" .. وأنجبت له.. أما "فتح الباب" فتزوجت امه وانجبت وزوجها رفضه فذهبت به إلى "سماحة" فلم يقبل به.. فتكفلت به عجوز اسمها "سحر" وحيدة فعاش في كنفها حياة وإن لم تكن رغيدة فقد كانت هانئة.. لم ير أمه بعد ذلك اليوم الذي تركته فيه..

ربته العجوز تربية صالحة وكبر في كنفها وكنف حكايات "عاشور الناجي" الاسطورية التي تحكيها له كل يوم وتشبع بها.. وبعد أن أصبح في سن العمل ذهبت به إلى أخيه "سماحة" فقبل به على مضض وولاه خزينة محلل الغلال وأعجب بأمانته.. ولم يتوقع أحد أن يصيبهم وباء وجفاف ويشح الطعام ويجوع الحرافيش وتغلى الأسعار خصوصا في دكان "سماحة" و"فتح الباب" يعلم أن في مخازن أخيه مايكفي الحارة ويزيد.. فعندما طفح به الكيل أخذ يأخذ من المخازن بعض الغلال ويوزعها على الحرافيش متخفياً ويخبرهم أنها من "عاشور الناجي".. حتى اكتشفه "سماحة" فقام بضربه وعلقه في المخزن.. فهاج الحرافيش واقتحموا المخازن وهاجموا اتباع الفتوة في منازلهم وهم نيام وفكوا وثاق "فتح الباب" وعندما طلعت الشمس ثار "سماحة" عليهم وما أن حاول الهجوم عليهم وحده أمرهم "فتح الباب" أن يرموه بالحجارة فأصابوه في مقتل.. وتوج "فتح الباب" فتوة الحارة الجديد وهو لا يعرف بها شيئاً وحاول التنازل عنها أكثر من مرة فلم يتركه اتباعه يفعل فقد استغلوه ابشع استغلال واخذوا ينهبون الناس باسمه، ووجد في أحد الليالي مقتولاً في أحد الأزقة..


الحكاية العاشرة: التوت والنبوت

هنا سيرة "ربيع سماحة الناجي" أو بعض منها فهو من بقي من صفوة الذرية.. نشأ فقيراً ولم يقبل أحد بتزويجه لسيرةأسلافه القبيحة من جنون ومجون.. عملت عنده أرملة من آل الناجي "حليمة البركة"، تقوم على شؤون البيت من تنظيف وطبخ وتعود إلى بيتها بعد أن تنهي عملها في بيته.. أعجب بها فطلبها ووافقت وأنجبت له ثلاثة أبناء "فائز وضياء وعاشور".. 

مات ربيع وأبنائه مازالوا صغاراً.. واعتكفت الأم على تربية أبنائها والعمل في طلب الرزق.. 

"فائز" الإبن الأكبر.. وأول من واجه الحياة وتبعه "ضياء" ثم "عاشور".. "فائز" لم تعجبه حياة الفقر والهوان.. فاختفى ذات ليله بحمار الكارو الذي يعمل عليه.. وبحثوا عنه في كل مكان ولم يجدوا له أثراً.. فأفتى مفتي الحارة أن على الأم والأخوين أن يسددا ثمن هذه العربة والحمار عنه.. ومرت الأيام والأشهر ولم يعد..

وعاد بعد وقت طويل يظهر عليه الغنى والعافية.. قال لأهله أنه يعمل سمساراً يبيع أملاك الناس بعمولة وليس له مكان محدد وأنه قد يغيب بعض الأيام.. وأغدق عليهم الأموال واشترى لكل واحد من أخويه دكانا يعمل فيه.. وجلست الأم في بيتها معززة مكرمة لا تَخدم وإنما تُخدم.. تتصدق على الحرافيش بخفاء.. 

عاد "فائز" ذات ليلة في غير ميعادة منهكاً لم يأكل ولم يتكلم مع أحد.. ودخل غرفته ولم يخرج.. ومات في فراشه منتحراً..

صُدمت العائلة، واستغرب الجميع من تصرفه.. لماذا ينتحر؟؟ وجاءت الشرطة وتم التحقيق في الموضوع وصودرت الأملاك والدكاكين والأموال.. تم اكتشاف عمله.. يقامرعلى أملاك غير موجودة وإذا خسر الرهان قتل خصمه وسرق أملاكه.. فأصبح "فائز السفاح"

طوردت العائلة من الحارة فأصبحوا يعيشون في مقبرة "شمس الدين" فلا بيت ولا مأوى لهم.. وكادوا يموتون جوعاً.. 

ترك "ضياء" الحارة ورفضت الأم و"عاشور" الذهاب معه.. وبقوا في المقبرة يعيشون على أقل القليل.. وعادت الأم للبحث عن العمل هي و"عاشور".. 

وبعد مدة طويلة قرر "عاشورر" العودة للحارة..  فواجهه الحرافيش ورحبوا به وتذكروا صنيع أمه وتصدقها عليهم.. فأخذ يوجههم على القوة وأخذ حقهم بأيديهم وتبعوه.. ومع الأيام بدأت شوكتهم تقوى.. فقرروا الهجوم على الحارة وانهاء عصر الفتوة فيها.. وكانت الغلبة للحرافيش..

---

الأحداث في الكتاب أكثر مما كتبت.. وما أدرجته هنا هو غيض من فيض فقط


°°°



للاطلاع على التدوينات السابقة الرجاء النقر على اسم المدونة بالأعلى لينقلكم الى الصفحة الرئيسية للمدونة ومن ثم اختيار اسم الكتاب..


قراءة ممتعة

وإلى لقاء آخر بكل ود

تعليقات

المشاركات الشائعة