عالم الأمس

 



 عالم الأمس 

المؤلف: ستيفان زفايج
المترجم: عارف حذيفة
عدد الصفحات: ٣٤٢
الناشر: دار المدى

مذكرات

***


“كان لا بد أن تمرّ بضعة أعوام قبل أن أفهم أن المحن تتحدى الإنسان، والاضطهاد يقويه، والاعتزال يرفعه، شريطة ألا يحطمه. وشأن جميع الأشياء المهمة في الحياة، فإن هذه المعرفة لا يستمدها المرء من تجارب الآخرين، بل من قَدَره الخاص فقط.”


“عالم الأمس” كتاب صوّر لنا زوال عصر كامل بكل ما فيه من جمال ومآسٍ. هذا العمل ليس مجرد سيرة ذاتية، بل هو لوحة فنية مرسومة بأنامل فنان عاش في قلب أوروبا المزدهرة قبل أن تلتهمها الحروب.


بشخصية حساسة وروح رقيقة وحالمة تلتقط كل ما تراه في المجتمع والبشر والتجارب الشخصية لتُسقطها على شخصياته في كتبه.

هنا نلمس رؤية زفايج الوردية للعالم، فمهما توالت عليه الكوارث ما زال متمسكًا بها، وأظنها أكثر ما يميزه؛ فإن تركها لم يكن زفايج هو زفايج.


يأخذنا زفايج، بأسلوبه العذب، في رحلة عبر فيينا التي كانت عاصمة النور والثقافة، حيث اجتمعت عقول أوروبا المبدعة في صداقة خالدة وفي حوار دائم بين الفن والفكر. لكنه لا يكتفي بالاحتفاء بهذا الماضي المجيد، بل يقدم لنا شهادة مريرة عن كيف تحولت تلك الحضارة إلى رماد بفعل الحروب والصراعات.


“لم أستجب في أعوام النضج للصداقة بمثل الحماسة التي استجبت بها في تلك الأوقات التي قضيتها في جنيف. وهذه الرابطة عاشت بعد ذلك أعوامًا.”


لم أقرأ لزفايج سابقًا سوى لاعب الشطرنج، وإن كانت تلك أبهرتني بقدرته على شد القارئ وإدخاله عقل البطل، فهذه أدهشتني بقدرته الفذة على المزج بين الحميمية الشخصية والتاريخ العام. فهو يحكي عن نفسه كفرد تأثر بزمنه، وفي الوقت ذاته يحكي عن العالم بأسره وهو ينهار أمام عينيه. صعود الفاشية والنازية في تلك الفترة يبدو وكأنه كابوس جماعي يجر العالم نحو هاوية فقدان الإنسانية.


زفايج يعبر عن غربته، ليس فقط كلاجئ منفي، بل كإنسان شاهد نهاية عالم بأكمله. وبينما ينقل لنا هذا الألم العميق، فإنه يحافظ على نظرة شاعرية للحياة، وكأن الكتاب هو رثاء لنفسه وللحضارة التي أحبها.


“يصعب على المرء أن يتخلص في بضعة أسابيع من ثقة عميقة بالعالم دامت نحو أربعين سنة.”


ستيفان زفايج قتلته أحلامه الوردية عندما اصطدمت بواقع الحياة المظلم.


وكما لو أن التاريخ يعيد نفسه، أصبح عالم الأمس مرآة تعكس مصير الإنسان حين يختار الحروب بدلًا من السلام، والطغيان بدلًا من الحرية.


قراءة مشتركة مع الصديقة @nuhbooks 


توجد بعض العبارات والايحاءات والافكار غير مناسبة للبعض فليست للجميع. 

.

.

.

 اقتباسات مبعثرة 

"لم أعدّ نفسي في أي يوم شخصاً مهماً بحيث أغرَى برواية قصة حياتي للآخرين"

"لقد تمتع بالحاضر تماما كل من حدق في المستقبل بلا قلق"

 "المجتمع هو دائماً أشد قسوة على أولئك الذين بكشفون ويفضحون خفاياه عندما يكون المجتمع نفسه قد أساء بالتضليل إلى فطرة الإنسان"

"كم يمكن أن تطول ثلاث سنوات بالمقارنة مع تسع عشرة سنة من العمر! وكم يمكن أن يجعلها المرء غنية وممتلئة وحافلة بالمفاجآت والهبات"

" أعظم الرجال هم ألطفهم على الدوام"

"البطل في قصصي هو دائماً الإنسان الذي يستسلم للقدر، وفي سِيَري هو الشخص الذي لا ينجح بالمعنى الدنيوي، بل بالمعنى الأخلاقي"

"إن البعد عن الموطن يغير المعايير الروحية"

"إن الأيام الخطيرة في الحياة أشد توهجاً من الأيام العادية"

"كنا نستهل العمل مرة بعد أخرى من أجل أن نتنفس فقط"

"في أوقات الخطر تصبح إرادة الأمل المجددة هائلة على الدوام"

"تكسّر المد على الإنسانية تكسراً عنيفاً وسريعاً، وحرك الأعماق، حرك غرائز الحيوان البشري البدائية الباطنة"

"واتفق أنني ما جُبلت على البطولة، وهو عيب لا أخجل من الاعتراف به"

"الحرب لا تجيز لنفسها بأن تتساوى مع العقل، والاستقامة. فهي تحتاج إلى عواطف محفّزة، وحماسة من أجل قضيتها، وإلى كراهية من أجل أعدائها"

"ومن طبيعة الإنسان ألا تدوم العواطف العميقة دواماً لا نهاية له"

"لقد ألقيت عن روحى العبء، واستعدت نفسي"

"التدهور لا يصيب في عالم الحرب حالتنا الذهنية فقط، بل كياننا العضوي أيضاً"


"لا أحد كان ينتبه للطبيعة الجميلة، للجبال والبحيرات وسكينتها المنطوية على نفسها، في هذا العالم المخلوب، فالحياة كانت تعني الصحف والبيانات، والإشاعات، والآراء، والتحليلات"

"الكراهية التي خلقتها الدعاية والتحريض ليست إلا حمّى فكرية قصيرة الأمد لم تؤثر تأثيراً عميقاً في جماهير أوروبا الحقيقية."


"لقد مارسنا خداع الذات لأننا كنا كارهين التخلي عن حياتنا المعتادة."



تعليقات

المشاركات الشائعة