جبل الرمل
جبل الرمل
سيرة
**
"تلهمني تفاصيل الحياة اليومية، وأجد فيها سحراً وحكمة"
سيرة ذاتية للمصورة الفوتوغرافية رندا شعث، تصف فيها حياتها منذ الطفولة وحتى سنوات عملها الطويلة في التصوير في العالم العربي فتحدثت عن نشأتها بين أب فلسطيني وأم مصرية واستحضرت تفاصيل طفولتها وأماكن نشأتها وتنقلات عائلتها وكيف أصبح التصوير شغفها ورسالتها في الحياة.
قراءة جبل الرمل لم تكن تجربة اطلاع بقدر ما كانت تجربة مرافقة. كثرة الصور والوصف صنعت شعورًا بالألفة منذ الصفحات الأولى، وجعلت السيرة مختلفة عن كثير من السير. ورغم أن البداية أربكتني بكثافة الوصف وطريقة السرد، إلا أن هذا الإرباك تلاشى تدريجيًا مع الاندماج، حتى صار جزءًا من هوية الكتاب لا عيبًا فيه.
أحببت السيرة، لا لأنها قدمت أحداثًا استثنائية، بل لأنها صنعت علاقة. قرب النهاية شعرت بانقباض حقيقي في صدري، كأنني سأودّع شخصاً عشت معه عمرًا طويلًا، لا مجرد إنهاء كتاب. هذا الارتباط العاطفي هو أثمن ما خرجتُ به من القراءة، وربما الشيء الوحيد فعلًا.
تعاطفت مع الكاتبة حتى في اللحظات التي لم أفهم فيها بعض تصرفاتها، لأن السرد لم يسعَ إلى تبرير الذات بقدر ما كشفها كما هي. اللغة كانت طبيعية، غير متكلّفة، منسجمة مع طابع السيرة الحميمي، وكأنها لا تحاول أن تكون "أدبية" بقدر ما تحاول أن تكون صادقة.
ورغم هذه الألفة الكبيرة، فإن الفصل ٤٧ لم يكن قريباً مني. قرأته بوصفه حكاية إنسانية لا إعلان موقف، لكنّي لم أرتح له، ولم أجد نفسي داخله كما وجدت نفسي في بقية الفصول. وربما لهذا شعرت أنه فصل زائد، لا يضيف إلى علاقتي بالسيرة بقدر ما يربكني. فالسير الذاتية وإن كانت ليست مطالبة دائماً بإرضاء القارئ أخلاقياً، إلا أنها مطالبة بأن تبرر وجود كل فصل فيها سردياً، وهو مالم أشعر بتحقيقه في هذا الفصل تحديداً.
أنصح بهذه السيرة لمحبي أدب السيرة الذاتية، أو لمن يبحثون عن كتاب يمنحهم شعور الارتباط الحميمي، لا الدهشة ولا الفكرة الكبرى. هي سيرة ارتبطتُ بها، ولم أعرف كيف أنهيها دون إحساس حقيقي بالفقد. سيرة جعلتني أؤمن أنها ليست كباقي السير، ثم دفعتني للسؤال:
هل كل السير الصادقة تفعل ذلك؟ أم أن القليل منها فقط ينجح في أن يكون إنسانيًا إلى هذا الحد؟..
توصية الصديقة نهى.




تعليقات
إرسال تعليق