الصخب والعنف
الصخب والعنف
رواية
***
"لقد رأيت البداية، وها أنا الآن أرى النهاية"
حكاية الانحلال الأخلاقي والنفسي الذي ساد في عائلة كومبسون. نراها من منظور عدة شخصيات، بنجي (موري سابقاً) هو رمز البراءة التي فقدت في العائلة، يعاني من إعاقة ذهنية جعلته يرى العالم من منظور طفل ذو ٣ سنوات. لا يقدر على فهم الزمن بشكل منطقي، ويعيش في حالة من الفوضى الحسية، فتتداخل لديه الذكريات مع الحاضر دون أي ترتيب. لا يحكم على الأفعال بل يسجلها كما هي. تعلق بشدة باخته كاندس التي مثلت له الحنان والأمان والدفء وكأنها أمه وهذا التعلق أدى لانهيار عالمه تماما عندما تزوجت ورحلت.
كوينتن، الأخ الأكبر دمره العبء العاطفي والنفسي الذي حمله على كاهله، انهار ماضيه ولم يستطع تقبل المستقبل، عامل الزمن كعدو، حاول ايقافه بتحطيم ساعة جده التي أعطاها إياه والده، كان مهووسا بفكرة الشرف والعذرية وعندما حملت كادي من غير زواج انهار عالمه هو الآخر، وهذه هي بداية النهاية بالنسبة له.
وعلى عكسهم تماما يأتي جيسون، هو شخصية جافة ومادية، ولا يرى في الحياة الا كسب المال، بأي طريقة كأن يسرق من مال أمه وأخته. ويتلذذ بإيذاء الآخرين. كان فصله أوضح من الفصول السابقة التي استخدم فيها تيار الوعي، قد يعكس هذا الوضوح جفاف شخصيته وعدم اهتمامه بالماضي والذكريات.
في الفصل الأخير المروي من منظور الراوي العليم، نرى دلزي، الخادمة المخلصة للعائلة، الأم الحقيقية لأبناء العائلة، في إطار ضعف العائلة وانحلالها، جسدت دلزي الصبر والإيمان والقوة. شهدت انهيار العائلة ومع ذلك لم تتركهم وهي الوحيدة التي حافظت على تماسك المنزل، والوحيدة التي عطفت على بنجي بعد كادي.
الصخب والعنف رواية صعبة لكنها تستحق القراءة لمن يصبر عليها. تيار الوعي في أول فصلين لم يجعلني ارتبط بالشخصيات قدر ما وضعني داخل عقولها. فصل بنجي كان ممتعا عكس فصل كونتن المرهق. و هنا رأيت دور الوالدين المفقود وأكاد أجزم لو أنهما قاما بدورهما بكل إخلاص لم تشهد هذه العائلة كل هذا الانهيار.
ملاحظة: توجد بعض الجمل التي تتعدى على الذات الإلهية.
من قراءات نادي متكأ
..
اقتباسات مبعثرة
"لا بد للمرء، ولا ريب، من ساعة واحدة على الأقل يفقد فيها شعوره بالوقت"
"خطر لي أن المرء إذا أعرض عن فعل شيء ما، دفعه جسده بالحيلة إلى فعله، وكأنه لا يعي"
"أفضل الطرق في النظر إلى الناس جميعا، البيض منهم والسود على السواء، هي أن تنظر إليهم وفق نظرتهم إلى أنفسهم"
"حتى الصوت يبدو كأنه ينقطع في هذا الهواء، كأنما الهواء منهوك القوى لطول ما حمل من أصوات"
"أخرجت ساعتي وأصغيت لها وهي تدقدق، غير عارف أنها عاجزة حتى عن الكذب"
"كنت صبيا آنئذ، أصدق الناس كلما قالوا إنهم سيفعلون شيئا ما. ولكنني زدت ادراكا منذ ذلك الحين"
تعليقات
إرسال تعليق