الفراشة

 



 الفراشة 

المؤلف: هنري شاريير 
المترجم: حسين عمر
عدد الصفحات: ٧٨٣
الناشر: دار المدى

سيرة روائية

** 

❞ ليس هناك ما هو أصعب من التخلّي عن السلاسل التي يجرّها المرء منذ ثلاثة عشر عاماً. ❝

جان بيير كاتسيلنو أعاد كتابة حكاية هنري شاريير التي أرسلها له، وقد قال له: ❞ أُرسلُ إليك مغامراتي، دعْ محترفاً يكتبها ❝. تبدأ الحكاية عندما حُكم عليه بالسجن المؤبد مع الأشغال الشاقة ظلماً: ❞ لم تكن ضربة عادية، وقد تكالب كثيرون لتسديدها إليّ ❝. ومن تلك اللحظة انطلقت رحلته الداخلية والخارجية، متشبثاً بقرار عظيم: ألّا يتوقف عن محاولة الهرب، وألّا يهدأ حتى ينتقم لنفسه، محاولاً في الوقت ذاته ألا ينحدر إلى هاوية الجنون: ❞ من السهل جدّاً أن يُصاب المرءُ بالجنون في هذه الزنزانات التي تعزلك عن كلّ شيء ❝.


تكررت محاولاته، وفي كل مرة يقترب الخطر من القبض عليه، كان صدري ينقبض حتى أكاد أتوقف عن القراءة أياماً خوفاً من أن يقع في أيديهم، وكأن استمرار القراءة قد يسرّع بؤس مصيره المحتوم. أعرف أن هذا تفكير عبثي، لكن قوة السرد جعلتني أعيش هذه الصراعات معه.


"الفراشة" تجربة واقعية آسرة تنقل القارئ بتفاصيل دقيقة بين جدران السجن القاسية، وتكشف صراع إنسان بسيط، لكن يحمل في داخله مبادئ أصيلة لم تتزعزع رغم الظروف القاسية. هنري، أو "بابيون" كما لُقِّب لاحقاً — وتعني "الفراشة" — كان برأيي رمزاً لروح محلقة تأبى الخضوع، ومع ذلك كان تماسكه ورسوخ قيمه يثيران الدهشة، والأدهى كيف أن كل شخص قابله بدا وكأنه مسخّر ليساعده في رحلته.


قد سألتني الصديقة إيمان إن كنت أعتبرها من "أدب السجون"، والآن وجدتني أكرر قناعتي السابقة بأنها ألطف بكثير من قسوة هذا التصنيف، فهي أقرب إلى سيرة هروب وصمود، محمّلة بإرادة الحرية، أكثر منها غوصاً في سوداوية الزنازين.

"الفراشة" رواية لا تُنسى بسهولة، وتؤثر بقوة على القراءات الأخرى.

توصية العزيزة إيمان
من قراءاتي على أبجد

ملاحظة: تحوي بعض المشاهد الخادشة، وبعض الجمل الشركية وأخرى فيها تعدي على الذات الإلهية. 
ليست للجميع 🔞 


اقتباسات مبعثرة

❞ ولأنني لم أفكّر أبداً، لا أثناء فترة التحقيق، ولا في سجن التوقيف، باحتمالية أن يكون الحكم قاسياً عليّ، لم أنشغل قط بنفسي، قبل أن أعرف ما يمكن أن يكون عليه «طريق العفن». ❝

❞ إلى أيّ مدى يمكن للصمت المطبق والعزلة التامّة والكلّية، المفروضة على رجلٍ شابٍّ محبوسٍ في زنزانة، أن يخلق حياةً حقيقية واسعة الخيال قبل أن ينعطف نحو الجنون؟ ❝

❞ واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة، خمسة… لقد حوّلني قمع وعسف العدالة إلى رقّاص ساعة جدارية. أصبح السير جيئة وذهاباً في الزنزانة كلّ عالمي. وباتت خطواتي تُحسَب بشكلٍ تلقائيّ. ❝

❞ من حسنات الحياة المشتركة أنّنا نعيش ونتكلّم وننتمي إلى مجتمعٍ جديد، إن جاز لنا أن نسميّ هذا مجتمعاً. كان هناك الكثير من الأمور التي يجب علينا أن نرويها ونستمع إليها ونفعلها، بحيث لا يعود لدينا متّسعٌ من الوقت للتفكير ❝

❞ لقد اعتدتُ على هذه الحياة وأحسستُ أنّه لا ينبغي أن أستمرّ طويلاً في هذه الطريقة للعيش، لأنّه قد يأتي يوم لا يعود المرء يرغب في أن يقلع عنها. ❝

❞ مرّة أخرى أصبحتُ في طريق العفن، وهذه المرّة غصتُ فيه حتى عنقي! ❝

❞ علي أن أنجح في البرهان على أنني أستطيع، وأنني كنتُ – وسوف أكون – مخلوقاً سويّاً إن لم أكن أفضل من الأفراد الآخرين لأيّ مجتمعٍ كان أو أيّ بلدٍ كان. ❝

❞ ما زلت في طريق العفن، ولكنني، على الرغم من أنني في زنزانة غوّاصة، ما زلت، شاء من شاء وأبى من أبى، في حالة فرار، وبالتالي في درب الحرية. ❝

❞ ها قد عدتُ إلى «طريق العفن». ومع ذلك كنتُ قد استطعتُ أن أنتزع نفسي منه سريعاً جدّاً وحلّقتُ فوق البحر نحو الحرية، نحو بهجة القدرة على أن أكون إنساناً من جديد، نحو الانتقام أيضاً. ❝

❞ حينما يتألّم المرء، يغدو مفرط الحساسية حيال أيّ شيء. ❝

❞ في الوسط الإجرامي، تتحوّل الصداقة سريعاً إلى حقد قاتل. ❝

❞ أيّ إنسان جدير بأن يحمل صفة إنسانٍ لا يمكنه الانتماء إلى هذه المؤسسة. يعتاد المرء على كلّ شيء في الحياة، حتى أن يكون وغداً وسافلاً طوال حياته المهنية. ❝

❞ بكلّ صدقٍ وصراحة، أنا أفضّل أن أكون سجيناً محكوماً بالأشغال الشاقّة على أن أكون سجّاناً. ❝

❞ هناك بالفعل في الحياة أمورٌ لا تُغتَفَر. ❝

❞ المغامرة والبؤس والظلم مهما بلغت شدّتها لا تصنع بالضرورة كتاباً ❝

تعليقات

المشاركات الشائعة