وقفة مع جورجي زيدان ..







 وقفة مع جورجي زيدان 


تأليف: د. عبدالرحمن صالح العشماوي


عدد الصفحات: ١٢٢ صفحة


** نسخه إلكترونية **




•••




في البداية .. أحب أن أنوه أنني لم أكن أعرف جورجي زيدان قبل هذا الكتاب ولم أقرأ له من قبل.. ولكني أعرف عبدالرحمن العشماوي ومن المعروف عنه أنه شاعر، فأثار هذا الكتاب فضولي فقررت قراءته إرضاءًا لفضولي.. فهذا أول كتابٍ أطلع عليه على هذه الشاكلة..






•••







كاتب من أصل مسيحي (يكتب التاريخ الإسلامي بقلم نصراني) ..



"إن جورجي زيدان كاتب متعدد المواهب، وباحث أصيل في التاريخ والأدب، ولكنه يتميز بكتابة الرواية التاريخية بحيث يتسنم مكان الريادة فيها في تاريخ الأدب العربي الحديث، فقد أصدر ٢٢ رواية مابين عامي ١٨٩١ و ١٩١٤ م، تسجل أحداث من تاريخ العرب والمسلمين منذ عصر ما قبل الإسلام حتى العصر الحديث"  د. محمد مصطفى هدارة


.
.
.


لماذا استعان جورجي زيدان بالتاريخ الاسلامي واتخذه توجها لرواياته؟!.. هذا كان سؤال اغلب النقاد فكانت تفسيراتهم كالتالي:

"عندما ترك لبنان واستقر في مصر، وجد نفسه في بيئة اسلامية لها معتقداتها الخاصة وتقاليدها، فآثر أن يكيف نفسه وفق ماتتطلبه بيئته الجديدة، واندمج في أهلها واستبطن عقلياتهم، واستطاع بآثاره العلمية والأدبية والصحفية أن يرضي الطبقات المختلفة." محمد يوسف نجم

"وهكذا قدمنا ملاحظاتنا حول روايات جورجي زيدان التي تعمد فيها التخريب والكذب لأجل تحقير العرب، عن سوء قصد، لا عن جهل فلا ينقص جورجي العلم بعد أن أوهم قراءه أنه عاد إلى مصادر ومراجع عربية، لكنه تعمد التحريف وتعمد الدس والتشويه. وتعمد فساد الاستنباط مع الطعن المدروس لعملته الاجنبية، ولتعصبه الديني الذي جعله ينظر إلى تاريخنا العربي الاسلامي، وآداب اللغة العربية بعين السخط والحقد." شوقي أبو خليل

"إن من البديهي ألا نجد تفسيراً اسلاميا للتاريخ في روايات جورجي زيدان، ذلك لأن هذا التفسير لا يصدر إلا عن كاتب آمن به، وجورجي زيدان صاحب عقيدة مختلفة عن العقيدة الاسلامية، ثم إنه غير متعاطف مع هذا التاريخ الذي يكتب رواياته." مأمون فريز جرار


.
.
.



في هذا الكتاب قام العشماوي بدراسة رواية صلاح الدين الأيوبي فقط مع بعض المقتطفات من روايات زيدان الأخرى.. وقد اختارها على حد قوله:

"لأنها بعيدة عن صدر الإسلام، فليس فيها ذكر لأحد الصحابة؛ وذلك حرصاً مني على موضوعية الطرح؛ لأنني خشيت من نفسي ألا تحتمل ما أورده الكاتب في بعض رواياته عن بعض الصحابة - رضي الله عنهم - من أخبار ملفقة لا تليق بمن بعدهم، فضلا عنهم، كما في رواية (عذراء قريش)".



فقام بالإبحار والتوغل فيها بعمق .. ليرينا مدى انعدام الأمانة التاريخية لدى زيدان..






رواية صلاح الدين الأيوبي.. من المسمى يكون المتوقع غالباً أن بطل هذه الرواية هو صلاح الدين.. ولكن زيدان يفضل ان يكون ابطال رواياته هم شخصيات من صنع خيالة لتناسب غايته من الكتابة.. فأبطال الرواية هم "عماد الدين" أخ خيالي لصلاح الدين و "ست الملك" شخصية من المفترض ان تكون حقيقية في زمن آخر.. 

"ونفتش في كتب التاريخ عن "ست ملك" أخرى لها صلة بالخليفة العاضد فلا نجد، ونعجب لهذه الجرأة على نقل شخصية تاريخية من عصرها إلى عصر آخر يبعد عنها بعشرات السنوات دون مراعاة للأمانة التاريخية، علمًا بأن من مقومات العمل الروائي التأريخي ان تظل حرية الكاتب تحت الإطار التاريخي، حتى لا يصبح التأريخ مجالًا لعبث العابثين! ولا نستطيع ان نوجد تفسيرا فنيا، ولا موضوعيا لهذا الأمر، فقد كان في وسع جورجي زيدان ان يصنع له شخصية امرأة تقوم بالأدوار التي أسندها إلى "ست الملك" دون ان يقع في هذا الخطأ الفني والتاريخي الكبير."

زيدان لا يتحدث عن صلاح الدين في روايته كثيراً، وان تحدث عنه لم يوفه حقه ..

"إن تلك الإشارات التي وردت في "صلاح الدين الأيوبي" والتي فيها اتهام لنوايا صلاح الدين، ومنطلقاته لا تخضع لقضية البناء الفني، وإنما هي مسألة تاريخية لها اتصال بفكر الكاتب ومعتقده، ومدى قدرته على توخي الصدق والعدل في مناقشة القضايا."

وهذه إنما هي البداية لأخطاءٍ ومشاكل في رواياته.. 

"إن الأمر لا يتعلق بحداثة عهد الكاتب بهذا النوع من الأدب وإنما يتعلق باتجاه فكري وعقدي يرسم الكاتب من خلاله الإطار العام لرواياته التي كتبها عن التاريخ الإسلامي؛ ولهذا فهو يهمل الشخصيات التاريخية، ويهتم اهتماما بارزا بالشخصيات الخيالية التي يصنعها لتؤدي الأدوار التي يريدها هو، حتى وان تعارضت تلك الأدوار مع حقائق التاريخ"






مما لاحظته من العشماوي انه ناقد بشدة لكثرة الوصف في روايات زيدان..

"ويظل الكاتب يغوص بنا في محيط من الوصف ليس له شاطئ حتى إذا شعرنا بالملل، أسعفنا بذكر صلاح الدين ولكن بالإسلوب الوصفي نفسه, وصف الموكب والملابس والحلي والجواهر."

"الامر الذي يدفع القارئ إلى التساؤل مالذي يعنيني من معرفة ألوان ثياب الخليفة ورجاله وأوصاف عمائمهم وأسلحتهم وخيولهم ومتاعهم، وهو سؤال له ما يبرره هنا، فالعمل القصصي يسير وفق خطة فنية محكمة، فيها تسلسل يربط بين أحداثها وشخوصها، وإذا ما افرط الكاتب في تصوير جانب من جوانب الرواية، وفرط في تصوير الجوانب الأخرى، احدث هزة فنية ربما تقضي على عنصر الترابط في العمل الروائي، مما يحول دون اندماج القارئ معه."

أي .. كثرة الوصف في الرواية افقدت الأحداث ترابطها..


•••


غير انه لا يتخذ الفترات العظيمة من التاريخ مرجعًا لرواياته.. يقول الدكتور عبدالمحسن طه بدر عن جورجي زيدان انه كان "لا يلجأ إلى الفترات المشرقة التي تمثل امجاد التاريخ العربي دائما، ولكنه يختار المواقف الحساسة التي تمثل صراعاً بين مذهبين سياسيين أو كتلتين تتصارعان على النفوذ والسيطرة".



فعنصريته الواضحة ضد المسلمين في رواياته تسببت في الضعف الفني الكبير فيها..

"إني لأميل - ميلًا يؤيده الدليل - إلى أن سبب العثرات الفنية في روايات جورجي زيدان، إنما هو عدم صدقه في التناول التاريخي لأحداث التاريخ الإسلامي، وهي مسألة تحتاج إلى مناقشة هادئة، فجورجي زيدان "نصراني" وصلاح الدين الأيوبي هو القائد المسلم القوي الذي حطم جبروت "الصليب" ورد النصارى مدحورين، وحرر بيت المقدس منهم"..


فهاهو يلجأ إلى الصدف والمفاجآت في محاولة منه لربط احداث الرواية ببعضها..

يقول أحد النقاد: "وكثيرا ما نراه، وبخاصة في قصصه الأولى يلجأ إلى الصدفه لتعينه على ربط المواقف أو حل العقد، وهذا الاعتماد يضعف جانب الإبداع في القصة، ويدل على ضعف الحاسة الفنية عند الكاتب، كما يبعد القصة عن الواقع المعقول فتتهافت وتبرد حرارتها وتبرز الصنعة المهلهلة فيها." محمد يوسف نجم

"اما المفاجآت فمن أخطرها ما يفاجئنا به الكاتب في رواياته من مواقف يسندها إلى بعض الصحابة رضي الله عنهم باسلوب مرفوض عقلًا ونقلًا، وبخاصة ما يمس كبار الصحابة ممن أسعفتنا مصادر التاريخ الموثقة بأخبارهم، الأمر الذي يمكننا معه ان نكشف الزيف والكذب في شأنهم، فها هو الكاتب يفاجئنا بخبر الصراع الخفي بين محمد بن أبي بكر والحسن بن علي على "أسماء بنت مريم" الفتاة الخيالية التي صنعها جورجي زيدان." وللمعلومية هذه الفتاة كانت نصرانية في الرواية. 






"لقد حاول جورجي زيدان ان يقدم التاريخ الإسلامي في سلسلة من الروايات، وللأسف كانت ميتة الروح، جافة الينابيع، فظهر الخلفاء وأعلام الحرية والفكر الإسلامي نماذج سيئة التقديم".



من رأيي إذا أردتم قراءة أحد روايات جورجي زيدان فاقرأوها على أنها رواية خيالية وليست مصدرًا من مصادر التاريخ, ولا تصدقوا ما يرد فيها من أحداث فهو "لم يقدم لنا رواية تاريخية بالمعنى المعروف، وإنما قدَّم مزيجًا من قصة تتخللها معلومات تاريخية" .. والإبتعاد عنها أفضل..


.
.
.


عبدالرحمن العشماوي.. ابدع في نقده في كتابه هذا .. وبعد قراءتي له اكتشفت ان هذا النوع من الكتب يعجبني كثيرا.. وأنا في البداية كنت متململة من قراءته فقد قمت بتأجيلها لفترة حتى اجبرت نفسي على الاطلاع عليه.. فالكتاب الذي كنت أقرأه في الأساس كان بعيدًا عني والجهاز في يدي..


هذه هي الفكرة الأساسية لاكتشاف ما تحبون وما لا تحبون وهو التجربة أولا.. 
لاكتشاف ما هو نوع الكتب المفضلة لديكم اقرأوا في كل اتجاه واستكشفوا شغفكم .. ولاكتشاف هواية جديدة ابحثوا عن شيء جديد وجربوه علّه يكون رمزا لكم ومنبعا صغيرا للسعادة..


العقبى لكتب السيرة الذاتية😉



.. الكتاب رائع وأنصح به ..



•••


للإطلاع على التدوينات السابقة الرجاء النقر على اسم المدونة بالاعلى لينقلكم الى الصفحة الرئيسية للمدونة ومن ثم اختيار اسم الكتاب..


قراءة ممتعة
وإلى لقاء آخر بكل ود


تعليقات

  1. رائع..اتضحت الصوره الان..مزيدا من التقدم ارجوه لك

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة